الأسئلة والأجوبة
مسائل في الفكر

 س: هل يرى سماحة السيد المرجع أن المشروع الحضاري الذي بدأتموه قد أُنجز من الناحية النظرية والدور الآن للحفاظ عليه وتأصيله وترشيده؟
ج: لقد استطاع هذه المشروع أن يحرك ذهنية الأمة للانفتاح على الأصالة الفكرية الإسلامية وإثارة الحوار الجدي حول المفردات الهامشية والأفكار الخرافية للتخفف منها، مما أثار المتخلفين في معركة سخيفة بعيدة عن الفكر، الأمر الذي فتح الأفق لعملية التغيير.

س: ما هي الحرية الفكرية في نظرك؟ و أين وصلت الحرية الفكرية في بلادنا؟ وهل أتاح العالم فعلاً للفكر حرية؟و ما هي مميزات عصرنا فيما يتعلق بها؟
ج: الحرية الفكرية، هي أنه يمكن للإنسان أن يفكر فيما يشاء وكيفما يشاء إلا إذا كان ذلك يسيء للمجتمع والأمة وشرط أن يكون تفكيره واعياً وساعياً إلى طلب الحقائق قدر المستطاع. - يختلف الحال من بلد إلى آخر، ولكن المسألة على المستوى الفردي قد تكون الحرية متاحة في شكل لا يحد منها شيء عندنا، ومن هنا تنشأ بين الحين والآخر بعض الدعوات والتي تعبر عن انحراف الإنسان على المستوى الفكري لينعكس ذلك على المستوى العملي والوظيفي. - العلم قد يقدم للإنسان الأرضية الصالحة للانطلاق في حركة الفكر إلى أقصى مداها، بل لابد للعقل أن يتحرر من كل القيود التي تمنعه من الانطلاق في رحابة العلم الذي يؤدي بالإنسان إلى استكشاف جميع ما حوله من قوانين أودعها الله في هذا الكون ليستفيد في حركة بناء الحياة - من الملاحظ في هذا المجال أن العصر الراهن، يتميز بحرية ظاهرية واسعة للانطلاق الفطري، ولكن الواقع قد يختلف كثيراً عن مثل ذلك، لأن كثيراً من القيود التي تعرض هنا وهناك، تجعل من الانطلاقة محدودة أو مقيّدة، ولا سيّما في ظل الهيمنة والتوجيه الإعلامي الحاد الذي تسيطر عليه الدول الاستعمارية الكبرى.

س: توجد شبهة يشيعها اللادينيون و العلمانيون والحداثيون مفادها أن تقدم الأمم الأوروبية والأمريكية والآسيوية إنما كان بنبذهم الأديان وتمسكهم بالعلم وأنه لاسبيل لتقدم الأمم الإسلامية والعربية وبقية الأمم إلا بنبذ الدين أو أقله تحجيمه عن التدخل في الشأن العام وحصره في دور العبادة والمنازل وأن أوروبا لما كانت خاضعة لسلطان الدين والبابوات لم تجن إلا الحروب والتخلف والدمار وأن الأديان جميعا وخصوصا الإسلام تدعو إلى الاختلاف وكره الآخر ونفيه وإقصائه وتحطيمه أو تهميشه أو إجباره على اعتناق المنظومة الدينية التي يتبناها الطرف القوي وأن الدين ورجال الدين وخصوصا المسلمين بتدخلهم في كل شئ من السياسة والحكم والأدب والعلم هم سبب تخلفنا فلطالما منع رجال الدين المسلمون من الديمقراطية وحرموها واعتبروها رافدا غربيا غرضها إفساد المجتمعات الإسلامية وفضلوا على ذلك البقاء تحت حكم المستبدين من الحكام ولطالما منعوا رقي الآداب والفنون بحجة الاحتشام والأخلاق والأعراف والحلال والحرام ومخالفة الدين وطالما منعوا البحث العلمي ورأوا فيه فسادا وسحرا ودجلا مخالفا للقرآن وروح الدين ومنعوا من تدريس النظريات الحديثة في نشوء الخلق.
ج: أما الجواب على الشبهة الأولى، فإن المسألة ليست جديدة فإنه لطالما نادى العديد من المثقفين والذين تأتثروا بالثقافة الغربية بمقولة فصل الدين عن الدولة وهذا النحو من الدعوات يشتمل على خدع واباطيل لأن التجربة التي تنجح في مكان وزمان معينين، لا يعني انها تنجح في كل زمان ومكان ثم ان الدين الذي نادت به الدول الغربية لفصله عن الدولة وإمضائه عن التدخل بالحكم والسياسة وقضايا الأدب ونحو ذلك انما هو تسلط رجال الدين واللاهوت (بالمعنى الذي كان سائدا في القرن السابع عشر) بحيث كان هذا الدين هو الذي يمنع من اي تطور علمي او من حرية التفكير العلمي الصحيح وما الى ذلك مما كان سائدا في عصر التخلف الذي كانت اوروبا تعيشه طيلة القرون الثلاثة المعروفة في تاريخ أوروبا وهذا لا ينطبق ابدا على الدين الإسلامي والذي يأخذ ويدعو الى الأخذ بأسباب العلم والتطور والانفتاح على الآخر إن كل هذه الشبهات المغلوطة واستثمار فترة تاريخية مظلمة واسقاطها على كل الحقب التاريخية مما لا يمكن الموافقة عليه ابداً.

س: ما هو مدى ثبوث عالم الذر؟
ج: لم يثبت عندنا ذلك، وقد تحدثنا عن ذلك في تفسيرنا من وحي القرآن. أما الآية التي استدل بها عليه فلا دلالة لها على ذلك.

س: سؤالي ليس فقهيا وانا هو فكري سياسي طرح عندنا واريد الاجابة عنه وهو: ما الفرق بين الديمقراطية والشورى؟ وهل حدثت الشورى ، من وجهة نظر المسلمين الشيعة ، في عصر النبي (ص)؟وماهو النموذج الامثل " للديمقراطية الاسلامية" في الوقت الحالي؟
ج: لا إشكال في ان الديمقراطية من المفاهيم الغربية والمرتبطة بالثقافة والحضارة الغربية، والشورى من المفاهيم الاسلامية والمرتبطة بالثقافة والحضارة الاسلامية ، والديمقراطية قد تعني حكم الأكثرية والأغلبية بصرف النظر عن اي مقياس آخر ثقافي أو أخلاقي، بينما الشورى تعني التشاور في الأمر وطرح وجهات النظر المختلفة من ذوي الخبرة في الموضوع المراد التشاور فيه، فيكون حكم الأكثرية عندئذ مبنياً على الأخذ بقول أكثرية أهل الخبرة لا الأكثرية المطلقة وهذا هو الفارق الجوهري بين الأمرين، ومن هنا تحمل الآيات القرآنية التي ذمت الأكثرية والأغلبية على كونها ذات كم مجرد عن القيم والمبادىء، لأن الأكثرية المرتبطة بالقيم والمبادىء تكون منتجة بحسب العادة وقد حاول النبي (ص) والأئمة (ع) تركيز مثل هذه المفاهيم في صفوف الأمة، فكان النبي يشاور أصحابه في المور الهامة والمصيرية وهو النبي المعصوم والذي قد لا يحتاج الى مثل هذه المشاورة، ولكن من حيث كونه في قمة السلطة كان يحاول ان يرسم المنهج للذين يريدون السير على خطاه وقد وردت الآية: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159) وقوله (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الشورى:38) لتؤكد على هذا الخط ايضاً.. ولكن هناك جدل حول الزامية الشورى في النظام العام للدولة بل هي وسيلة لتأصيل الرأي للقيادة او للمجتمع وعلى هذا فإن الديمقراطية محل تأمل في خلفياتها الفكرية والله الهادي الى الرشاد.

س: ما هو رأي سماحتكم بالعلمانية بمفهومها الصحيح وليست بالمفهوم الشعبي المتداول به بين الناس؟
ج: العلمانية هي المذهب الذي لا يؤمن بالدين ولا يعمل بشريعته فليس له هوية دينية لا فكرا ولا قانونا والتزاماً، وهي على هذا الاساس باطل ومحرم لأن الايمان بالله ودينه ورسله ورسالاته حق وواجب على الإنسان.

س: في مبحث الوجود يقال بأن لكل معلول علة وبما أن هذا الكون بما فيه حادث فهو معلول فلا بد له من علة والعلة التي سبقته إما أن تكون ممكنة فلابد لها من علة وإما واجبة فتكون علة العلل. فإن كانت العلة واجبة فقد ثبت المطلوب وإن كانت ممكنة فلابد لها من علة وحيث أنه يستحيل الدور والتسلسل بلا نهاية فيلزمنا القول بوجود علة أولى هي علة العلل ، ولكن المشكلة سماحة السيد أن العقل يكل ويعجز عن تصور هذه العلة التي لاتسبقها علة وهو قد انطلق من افتراض أن لكل شيء علة، ماذا تقولون؟
ج: ليس المطلوب تصور طبيعة هذه العلة بل وجودها ووجوبها وهذا معقول.

س: نحن نقول بأن الله سابق لهذا الوجود وأنه كان موجودا قبل خلق الخلق. أوليس تعبيرنا عنه بأنه سابق لهذا الوجود وأنه كان موجودا يدل على وجوده في زمان غير هذا الزمان وأنه يخضع للزمان فكيف نقول عنه بأنه لايخضع للزمان وأنه خالق للزمان؟ ثم أن العقل لايمكن أن يتصور زمانا إلا ويسبقه زمان قبله فكيف نقول بأنه موجود منذ الأزل وباق للأبد؟ أوليس الأزل والأبد زمانا؟ نقول أيضا بأن الله هو خالق المكان وأنه كان موجودا ولم يكن شيء معه؟ أوليس كل موجود يحتاج لمكان أو حيز يشغله؟ ونقول أيضا بأنه خلق هذا الوجود بما فيه فأين الله إذا؟ فإن كان في هذا الوجود فهو مكان وإن كان في وجود آخر فهو مكان آخر أيضا؟
ج: ليس التعبير كذلك بل عنه نشأ وجود غيره من الخلق مما هو ممكن الوجود ووجوده فيض من الله تعالى ويكفي إثبات الصلة الأولى في تعقل وجود الله تعالى مع إدراكه بصفاته واسمائه الحسنى أما الزمن فهو مترتب على حركة الكون بعد خلقه على هذه الطبيعة والنظام، وكذلك المكان هو لازم الجسم المتحيز ذو الأبعاد ووجود الله فوق ذلك.

س: هناك رأي فلسفيّ يقول إنّ أساس الوصول إلى الحقيقة هو الشك. فهل تؤيدون هذه الفكرة؟
ج: هذه الفكرة صحيحة، لأن الشك يدفع إلى التساؤل، وإلى البحث الذي يوصل الإنسان إلى أن يدرس الأمور بعقلانية وموضوعية ليصل إلى النتيجة.

س: يقول السيد الشهيد الصدر الاول ان لا ضرورة للعلل او الاسباب الغيبية في كتابه :بحث حول المهدي ، ما قولكم؟
ج: ليس مراده (قده) من هذا الكلام نفي العلل او الاسباب الغيبية مطلقاً، بل لعل مراده هو نفي مثل ذلك في دائرة تبرير طول عمر الإمام الغائب عن الأنظار، فإنه بالامكان تبرير ذلك من جهتين من جهة تتصل بقدرة الله ومن جهة أخرى تتصل بالقوانين المودعة في هذا الكون من جهة اخرى ،وهي بالتالي لا تكون من قبيل الاسباب الغيبية المحضة والله العالم.

س: ماحكم البرمجة اللغوية العصبية تعلمه وتعليمه والاستفادة منه ؟
ج: يجوز ذلك والاستفادة منه فيما ينفع الناس.