آراء أخرى
القرآن وتحريم الخمرة!
تداول نشطاء عديدون على مواقع التواصل الاجتماعي موقفًا صادرًا عن جمعيّة تطلق على نفسها اسم "الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيّين"، وهو أنّ الخمر ليس محرّمًا، ولكن يحسن اجتنابه بحسب الدلالة القرآنيّة. ومع تأكيدنا على أنّ استنطاق النصّ القرآني ليس محرّمًا على من امتلك أدوات فهمه، سواء من حيث اللغة أو المنهج، فإنّنا نورد ما يؤكّد تحريم القرآن للخمر بشكل واضح. في البداية ننقل ما جاء في الخبر المتداول: "أكدت الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيين، في بيان صادر عنها إثر ملتقاها الأسبوعي الخاص بتدبر القرآن ، أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار المروية في كتب التفسير لم تحرّم شرب الخمر مشيرة إلى أن…
أوراق على هامش التدين المبتذل
سلمان عبد الأعلى المقدمة اطّلعت على مقال لأحد طلبة العلوم الدينية بعنوان "أوراق على هامش الثقافة المبتذلة"، حاول فيه هذا الطالب نقد ما أسماه بأهم معالم دعاة الثقافة الجدد، ولا أُخفي عليكم بأني لا أختلف معه في العديد من النقاط التي أوردها في مقالته، إذ لم أكتب هذا المقال بهدف الرد عليه أو على أطروحاته، وإن كنت أخالفه في بعض جزئياتها، وإنما كتبته لألفت النظر والانتباه إلى زاوية أخرى مقابلة لها ولا تقل أهمية عنها، وذلك لما لها من انعكاسات خطيرة على فكرنا الديني وواقعنا الاجتماعي، أعني بكلامي هذا "التديّن المبتذل"، فكما أنّ هناك "ثقافة مبتذلة" تنشر عبر وسائل التواصل…
المثقفون ورجال الدين.. إشكالية العلاقة
سلمان عبدالأعلى من الأطروحات التي يتكرر طرحها في المشهد الفكري المعاصر بمجتمعاتنا، هي مسألة العلاقة بين ثنائية (المثقف ورجل الدين)، حيث يتم طرح هذه المسألة بكثرة بين الفينة والأخرى، ويحاول البعض جاهداً أن يركز على مسألة الصراع أو القطيعة بينهما، إذ يستعرض هذه العلاقة أو يُصورها وكأنها لا بد وأن تكون محكومة بالصراع أو القطيعة دائماً، فكل مثقف لا بد وأن يكون ضد رجال الدين، وكل رجل دين لا بد وأن يكون ضد المثقفين، وكأن هذا هو قدرهما المحتوم الذي لا مفر منه، والسؤال هنا: هل العلاقة بين المثقفين ورجال الدين هي بالفعل قائمة على الصراع أو القطيعة كما يُصوره…
مسؤوليّتنا الاستراتيجية تجاه الإساءات الغربيّة
كلُّ مسلمٍ يعكسُ – بنسبة تجسيده لإسلامه – نسبةً من صورة النبيِّ محمَّدٍ(ص)، الّذي يمثّل بتقرير القرآن الكريم "المسلم الأوّل"، كما في قوله تعالى: {وأمرتُ لأن أكونَ أوَّلَ المسلمينَ}[1]. وهذا ما يحمِّلُ كلَّ مسلمٍ مسؤوليّة أن يعكس الإسلام الصحيح بسلوكه بين الناس، ولا سيّما أولئك الذين لا يعرفون عن الإسلام إلّا بمقدار ما يرونه من سلوك المسلمين، وما يسمعونه من وسائل الإعلام التي ترسمُ غالبًا صورةً سلبيّة نمطيّة عن الإسلام والمسلمين. والمنطق يقتضي أنّه لا يحقُّ لأحدٍ أن يعتبر أنَّ سلوك المسلمين ممثِّلٌ بالضرورة للإسلام، وإنّما هو يمثّل اجتهادًا في فهم الإسلام ممّا قد يخطئ وقد يصيب، والحال أنَّ لدينا…
أيَّ مولدٍ نبويٍّ نريد؟
السيد جعفر فضل الله تحلُّ ذكرى المولد النّبويّ الشّريف هذا العام، وقد غطّت العالم الإسلاميّ من أقصاه إلى أقصاه، غيومٌ سوداءُ حالكةٌ، لم تُنزِلْ سوى الشّرور والآلامِ، والمزيد من التفكّك الاجتماعي، والفقر القيمي، والتوحّش الإنساني، وهدم التاريخ والذاكرة الإسلاميّة، وتشويه كلِّ ما هو جميلٌ في هذا الإسلام الّذي بُذِلَتْ في سبيله الأرواح، واستُرخصت لأجله عذابات السنين. المولد بطبيعته فكرةٌ للسّرور والبُشرى، ومحمّدٌ اسمٌ وذاتٌ، يحملُ كلَّ معاني السموّ الرّوحيّ والإنساني، أيًّا تكن زاوية النّظر إليه، من داخلِ الإسلام أو من داخل الأديان أو بمنظار الإنسانيّة المجرّدة. ولكنَّ الأمر في هذه الأعوام مختلفٌ؛ لأنَّ الاحتفال بذكرى المولد لن يكون له معنًى…
الشيرازيون و"طقسنة" التشيّع
عبدالله العلوي حين برز تيار الشيرازي (نسبة الى المرجع الراحل السيد محمد مهدي الشيرازي) في كربلاء ثم في الكويت وحتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، صُنّف بوصفه تياراً فكرياً تقدّمياً داخل المجال الشيعي. فكانت كتابات الشيرازي وإخوته (حسن الشيرازي اغتيل في بيروت في 1981) وصادق الشيرازي (المرجع الحالي في قم) وأبناء أخته (محمد تقي المدرسي وهادي المدرسي)، ومجموعة كبيرة من مثقفي التيار (وهم في الغالب من رجال الدين)، تتّجه ناحية الاجابة على الأسئلة الكبرى في سبعينيات القرن الماضي: هل الإسلام صالح لكل زمان ومكان؟ هل يمتلك الإسلام إجابات على كل الأسئلة، وهل في الاسلام نظام سياسي وآخر اقتصادي وثالث اجتماعي،…
تجربة السيد الخوئي وضرروات النقد والمراجعة
تمهيد لا يخفى على كل مُطلع على واقع الحواضر العلمية الشيعية مدى ما خلفه السيد أبو القاسم الخوئي – رحمه الله- من آثار واضحة وبارزة، سواءً كان ذلك في الحوزة العلمية بمدينة النجف الأشرف أو قم المقدسة أو غيرها، فآثاره وتأثيراته واضحة وجلية، ولا يمكن لأحد إنكارها أو التنكر لها. ولعلي لا أبالغ لو قلت بأن آراءه ونظرياته ما زال لها حضورها القوي؛ بل وهيمنتها الكبرى على دروس العلماء وأبحاثهم العلمية، كما لم يَزلْ نتاج هذه الآراء والنظريات مهيمناً أيضاً على شريحة ليست بالقليلة من المقلدين، فالكثير منهم لا يزال يعتمد على فتاواه الفقهية ويرجع إليها، على الرغم من مضي أكثر من…
الرؤية الاجتهادية والمنهجية الحركية عند العلامة الراحل السيد: محمد حسين فضل الله في معالجته لقضيتي العقل والعلم
نبيل علي صالح* رحل عن عالمنا منذ عدة أعوام العلامة السيد محمد حسين فضل الله، بعد عقود طويلة حافلة بالعطاء الفكري والاجتماعي، والعمل المعرفي والنشاط الاجتهادي المرجعي والحركي، قضاها في خدمة الإسلام والمسلمين.. في محاولة منه – مثل كثير من علماء هذه الأمة الكبار- إجلاء الصورة الحقيقية عن هذا الدين المحمدي الأصيل، وذلك من خلال إبراز صورة هذه الرسالة السمحة والنقية والتي تم تشويهها من قِبَلِ من زعم تمثيله والتحدث باسمه قبل خصومه... حيث اعترتها نقائص وسلبيات وشوائب كثيرة جداً في كثير من حقول ومجالات الفكر والمعرفة الإسلامية على المستوى الفقهي والتاريخي والكلامي والسياسي، وبعد محاولات حثيثة كثيرة جرت وتجري…
عاشوراء: إعادة الاعتبار للمشروع النبويّ
السيد جعفر فضل الله* لو كان الثائرُ في عاشوراء غيرَ الحُسين (ع)، من أولئك الذين تعنيهم الدنيا ويهوون السلطة والكرسيّ، لأمكن لنا أن نطوي صفحًا عن تاريخ تلك المرحلة؛ فنعتبر أنّ ما جرى لا يعدو نزاعًا على السلطة والدنيا، انطلاقًا من أهواءٍ وأطماعٍ شخصيَّةٍ، ككثيرٍ من قصص التاريخ التي لا تخلو منها أمّة أو قومٌ. ولو كان الثائرُ غيرَ الحُسين، لكان سائغًا لنا أن نتحدّث عن نزاعٍ عائليٍّ بين عائلتين بينهما تنافرٌ أو بغيٌ تاريخي، وهم بنو أميّة – الذين ينتمي إليهم يزيدُ - وبنو هاشمٍ – الذين ينتسب إليهم الحسين-. ولو كان الثائرُ غيرَ الحُسين، لأمكن لنا أن ندخل…